بين الاعلام المرسّم والاعلام الحرّ

يمنات
رسالة الى وزير الاعلام
الاخ وزير الاعلام الاستاذ على العمراني المحترم
تحية طيبة
بالأمس اذاع تلفزيونكم " خبر انتهاء معرض الكتاب بالعبارة التالية: "في ظل انتقادات واسعة تتعلق بالتنظيم والمشاركة وسوء الادارة و….و…. اختتم معرض الكتاب".
والواقع ان الانتقاد لم يكن كله في غير محله فهناك قصور واخطاء نعترف بها.
ويبدو ان تلفزيونكم – تلفزيون ما قبل الثورة – قد ادرك هذه الاخطاء قبل بدء المعرض فحذف تصريحي وصورتي في الافتتاح.
وتجاهلت جل وسائل اعلامكم المقروء والمسموع والمرئي نشر خبر الافتتاح مجرد خبر. كما قاطع خبر الانشطة الثقافية والادبية على هامش المعرض الا ما ندر.
لقد سعدت بانتقاد الفضائية اليمنية لأوجه القصور والاخطاء في المعرض فالوظيفة الاساسية لإعلام حر ومستقل ومتعدد، هي انتقاد اعمال الحكومة والدولة ومؤسساتها، باعتبار الإعلام ملكية عامة ممولا من المال العام، وجزء من رقابة شعبية. واعتقد ان مصداقية مثل هذا الانتقاد تقتضي ان يكون عاملا وشاملا لكل التجاوزات والاخطاء واعتقد ان احتلال وزارة الداخلية، ونهب اسرارها الامنية وبيع كرسي الوزير بـ6 الاف، جريمة تستحق الانتقاد وقبل ذلك قتل العشرات في ميدان السبعين من جنود الامن المركزي يستحق البحث واجراء التحقيقات والكشف عن ابعاد مثل هذه الجرائم والاشارة الى القصور فيها وتحديد المسؤولية.
وهل يقول لنا الاعلام او يتجرأ على الحديث او الكشف عمن اغتال القائد – بطل النصر – في أبين سالم قطن؟! وعن سر او اسرار تسليم محافظة ابين بكاملها للعصابات الارهابية؟.. وعن اغتيال مهندس هيكلة الجيش الاستاذ الأكاديمي عمر بارشيد؟ ومن يقف وراء محاولات متكررة لاغتيال وزير الدفاع وواعد باذيب وزير النقل والدكتور ياسين سعيد نعمان الامين العام للحزب اشتراكي وعيدروس النقيب ووزير الشؤون القانونية محمد احمد المخلافي؟
ثم لماذا يصمت الاعلام المرسم صمت القبول عن عسكرة الجامعة والاعتداءات المتكررة على الطلاب الثائرين المطالبين بعدم عسكرة جامعتهم؟
لا ينتقد الاعلام الذي ظل واضحى وامسى اعلام الجمهورية العربية اليمنية ما يجري في الجنوب. والدعوات الارهابية لتصفية اعضاء الحزب الاشتراكي وتقتيلهم، يصمت اعلامكم صمت القبور عن اثارة النزعات الطائفية والقبائلية والجهوية، ويغض الطرف عن اشعال الفتن والحروب.
لماذا يغيب عن اعلامكم عن نهب اراضي مطار الحديدة؟ ويسكت عن جرائم ترتكب في تعز واب، ولم يقل اعلامكم اعلام صالح شيئا عن نهب اراضي عدن، والمناطق الحرة فيها، وبيع ميناءها برشوة.. ولم يتحدث عن بيع الثروات والارض.. وجرائم الفتن والحروب التي غطت اليمن شمالا وجنوبا، وعن النشاط المحموم للعودة لإشعال الحرب ضد الجنوب وصعدة، واحياء تحالف حرب94. وتحشيد القبائل وصرخات الفضلي للجهاد..؟
نتمنى على اعلام ما قبل الثورة الشعبية السلمية ان يفتح عينيه على من سرق مئات والاف الاشرطة من داخل التلفزيون؟ ومن قام ايضا بإحراق اشرطة هي وثائق من الوثائق المهمة لمراحل مختلفة من تاريخ اليمن؟ خصوصا وهذه الأخطاء قد ارتكبت في عقر داره، وهو المسؤول عن الكشف عنها بل ومساءلة نفسه: ما نخشاه أن تكون مقاطعة أنشطة المعرض وغياب التغطية الحقيقية الا في ما ندر لها علاقة بإحباط المشروع الذي تقدمتم به باسم السمعي البصري ورفضه الصحفيون ونقابتهم العتيدة.
والخشية ايضا يرتبط ذلك بالعودة غير الحميدة لطرح المشروع اياه بلباس آخر لطرحه على النواب بعد ان رفض مجددا من قبل النقابة وقيادات اعلامية اوكل اليها امر مناقشة المشروع الجديد – القديم.
نقدكم الصائب والصحيح ينبغي ان يمتد وان يعم ويتجرد، ولا يكون مجرد رد فعل او تصفية حساب ضد مطالبتي بإلغاء وزارة الاعلام وتحويل مؤسساتها الى مؤسسات عامة تشرف على ادارتها هيئات منتخبة من قبل اصحاب المهنة ولا تكون تابعة لحزب او قبيلة او تحالف، وفق شروط وضوابط يحددها الاعلاميون العاملون في هذه المؤسسات.
اليس معيبا ان يستمر اصدار صحيفة "الثورة" التي احتفلت بعيدها الـ"50"، في ظل حراسة المطالبين ببقاء صالح، والذين اوقفوا صدور الصحيفة عندما انزل بعض مسؤوليها صورة الزعيم الأوحد ودفع الزميل ياسين المسعودي نقيب الصحفيين الثمن لأنه اصر على ابعاد الصورة؟!
منذ تشكيل حكومة الوفاق والسعي حثيث لسن قوانين مكبلة للحرية وقامعة للراي، وتحاول فرض رقابة على الصحافة والاعلام، والانتقاص من الهامش الضيق الذي الذي تحقق بفضل قيام دولة الوحدة في الـ22 من مايو1990.
فبدلا من الغاء وزارة الاعلام والغاء المواد المجرمة والمحرمة في القوانين العقابية قانون الصحافة رقم 25 لسنة 90، والمفتوح على القوانين العقابية الكاثرة. تسعى وزارتكم الى فرض مزيد من التكبيل والقيود عبر مشروع السمعي والبصري، وتعرفون ويعرفون ويعرف الجميع ان هذه المطالب للصحافيين ومؤسسات المجتمع المدني تمتد الى اكثر من عقدين قبل مجيئكم الى الوزارة وهي جزء اصيل من مطالب الثورة الشعبية السلمية.
الهوس بسن تشريعات قامعة لا يخدم الا الابقاء على تركة صالح المختلف فقط على طريقة اقتسامها بين الاخوة الاعداء الآتين جميعا من دست الحكم الفاسد والمستبد، وهم جميعا من قامت الثورة ضدهم، انتقاد معرض الكتاب الـ28 امر مهم ونرحب به حقا. ومطلوب اكثر توسيع منهج الانتقاد لفضح ملفات الفساد والاستبداد وخطاب الفتن والحروب الذي يراد له ان يجر اليمن مجددا الى حروب تبدأ ولا تنتهي، وتمتد من صعدة حتى اقاصي الجنوب وليصبح الكل ضد الكل وفقا لنهج صالح وزبانيته من الأطراف المعنية الوارثة، وربما ان طارق الفضلي ليس الوحيد الطامح الى تصفية الاشتراكي واعادة تحالف حرب 94 فتحالف القبائل يعني ذلك ايضا ويعني اكثر تصفية الثورة الشعبية.
اليس معيبا في حق وزير اعلام جاء باسم الثورة، ان يعتدي على الصحفيين في صنعاء وتعز وعدن، وان يجري اطلاق الرصاص على صحيفة "الأولى" ويهدد محرروها ويجرجر رئيس تحريرها الى النيابة لنشرة خبرا عن محاولة اغتيال الدكتور ياسين سعيد نعمان، ولا يكشف الاعلام عن المتهمين وملابسات الجريمة؟! اذا كان الاعلام الساكت عن الجريمة شيطان اخرس، فان الاعلام المبرر جزء منها.
وثقوا اخي الوزير ان مطلب الغاء وزارة الاعلام والخلاص والى الأبد من اعلام الزعيم الرمز والضرورة والأوحد مطلب اصيل للمعارضة الوطنية منذ ما قبل مجيئكم وسيستمر ان شاء الله، وثقوا ان اخطاءنا في المعرض اكبر من انتقاداتكم المفتقرة للمهنية فدارس الاعلام في البداية لا بد ان يعرف ان الخبر مجرد امين صادق وموضوعي والتعليق عليه حر، ولكن اعلام الزعيم يبدأ بالانتقاد فيكون الخبر مجرد مسمار في مكنة الدعاية السوداء!
المعرض رغم اخطائه الكثيرة كان مناسبة مهمة كما هو حال المعارض في كل بلدان العالم، لتزويد المؤسسات الثقافية والاعلامية ، وبالأخص التلفزيون بأداة فكرية وابداعية تغطي جوانب مهمة في العمل الاعلامي، ولكن تلفزيونكم مكتف بذاته، ومقتنع بما هو فيه فيما القنوات الأخرى بما فيها القنوات العربية استفادت من الندوات المقامة على هامش المعرض وغطت معظمها.
عن: صحيفة الأولى